الأربعاء 27 نوفمبر 2024

رواية وبقى منها حطام أنثى بقلم منال سالم (كاملة حتي الفصل الاخير)

انت في الصفحة 35 من 63 صفحات

موقع أيام نيوز


الصغيرة والورود المتفتحة ذات الألوان المبهجة 
استنشقت عبير الأزهار وهي تبتسم متفائلة بالخير في هذا المكان منذ أن وطأت أعتابه بقدميها طرقت الباب بتوتر قليل وانتظرت أمامه وهي تحاول الحفاظ على هدوء ابتسامتها 
وما هي إلا لحظات حتى انفتح لها لتظهر الخادمة من وراءه وهي تحمل الطفلة الرضيعة 
استتها إيثار بإبتسامة ودودة ولاحظت على مرأى العيان فشل الخادمة في التعامل مع الصغيرة 

تساءلت الخادمة راوية بنفاذ صبر وهي ترمقها بنظرات سريعة خاطفة لكنها متأملة لهيئتها العامة 
خير حضرتك عايزة مين
ردت عليها إيثار برقةوهي تنظر للطفلة الباكية بشفقة انا المربية الجديدة جاية عشان آآ
تنفست راوية الصعداء وكأنها وجدت السبيل لنجاتها من بكاء الصغيرة 
هو انتي!! اتفضلي اتفضلي 
ولجت إيثار للداخل فتفاجئت بها تضع الرضيعة بين يديها وهي تقول بصوت خفيض يملئه اليأس 
خدي اتعاملي معاها احسن انا من ساعة ما جيت امبارح مش فه اسكتها خالص !
تناولت إيثار الصغيرة بين ذراعيها بحنان أموي جلي ومسحت على ظهرها برفق حتى تستكين وتكف عن البكاء 
ثم تأملت ملامحها الجميلة بدقة 
كانت الصغيرة آية من إبداع الخالق فهي تملك ملامح آسرة بالإضافة إلى شعرها الأشقر وعيناها الزرقاوتين وبجانبهم بياض بشرتها ونعومتها 
مسدت إيثار على رأسها بحنو فشعرت وكأنها ة منها گأبنتها أو ماشابه ذلك لا تعلم ماهية هذا الشعور ولكنها شعرت بالسعادة لوجود هذا الكائن الملائكي بين يديها وفي أحضانها 
توجهت للداخل بخطوات بطيئة وهي تهدهدها وممررة أصابعها على خدي الصغيرة وجبهتها 
استجابت الصغيرة لحركاتها المداعبة وبدأت في السكون والنظر لها بأعين متفحصة دارسة 
وبحركة طفولية بريئة مدت أناملها الناعمة الصغيرة ولمست وجنتي إيثار 
خلق بينهما الانسجام منذ المقابلة الأولى ومنذ تفهما الأول 
جلست إيثار على طرف المقعد ثم أسندتها على ذراعها وهي تداعبها بالذراع الأخرى حتى أنها تناست البحث عن أصحاب المنزل والتعرف عليهم فتلك الصغيرة أسرتها في عالمها الطفولي البريء وأعادت الضحكة إليها 
وإذ بها فجأة تنتفض من مكانها ووقع قلبها في موضع قدميها 
تساءلت بعدم تصديق هل ما سمعته هو الكذب أم أنها تتوهم !! 
جابت المكان بناظريها المتفحصتين الباحثتين لتجد صاحب الصوت ولكنها لم تجده كان الصوت يقترب منها فتزداد نبضاتها تلاحقا حتى رأته يهبط درجات السلم موليها ظهره وهو يتحدث بهاتفه بهدوء
يبقى على معادنا بالليل الساعة 10 سلام 
حضرت راوية بين يديه سريعا ثم نطقت وهي تشير أتجاه إيثار وتقول بإبتسامة 
المربية الجديدة جت يافندم اهي
أومأ برأسه متفهما ثم الټفت نحوها ولكن تجمد الحديث على لسانه وتحرك قلبه من مكانه مرة أخرى بعد سنوات قد دهس فيها قلبه أسفل نعليه 
رمش بعينيه عدة مرات ليستوعب أنها أمامه وليست طيفا 
فغر فمه غير مصدق وجودها 
ثم عبس بوجهه فجأة وتجمدت تعابيره بل وقست نظراته وهو يقول بصوت يحمل الشراسة 
انتي !!!! 
لقد صدق حدسها انه هو ذاك الذي ظنت أنه حبيب قلبها وخليل فؤادها 
المنتظر الذي طالما انتظرته لسنوات عديدة آملة رؤيته لمرة واحدة 
وها هو حلمها يتحقق هو الآن أمامها ولكن يحمل وجها جديدا بملامح مختلفة ويختبئ به المشدود خلف حلته السوداء التي أعطت لمظهره هيبة ومهابة 
تغيرت نظراته الحانية وبدى أكثر جدية إن صح التعبير أكثر قسۏة عما مضى 
لم تجد فيه الروح المرحة التي عاهدتها منه 
إنه شخص جديد كليا 
تسارعت أنفاسها إلى حد ما فجاهدت لضبطها أمامه 
لم تتخيل أن وجوده

سيحدث كل هذا الخلل والإضطراب فيها 
أربكتها نبرته الشرسة وابتلعت غصة مريرة وهي تنطق حروف اسمه على لسانها من جديد بهمس مرتجف 
مالك !!!

الفصل العشرون 
صمت رهيب ساد في اﻷجواء بينهما لكن أعينهما كانت تنطق بالكثير 
قست تعابير وجه مالك وبدت نظراته أكثر حدة وهو يحدجها بنظرات مطولة متعمدا التقليل من شأنها فهي بالنسبة له تعد رمزا للخېانة والغدر من جرحته بضراوة في فؤاده من دفعته للرحيل والتخلي عن أحبائه 
أما حال إيثار فكان لا يتختلف عنه هو أهانها وظلمها في وقت كانت تعاني فيه بمفردها كانت في أمس الحاجة إليه و اختارت أن تضحي بحبها من أجل حمايته هو حتى وإن كان الثمن حريتها 
هي أرادت أن تحميه على طريقتها لكن انقلبت الظروف ضدها 
ابتلعت ريقها بتوجس كبير و لم تنس رغم كل شيء صدق حبها له 
تفاجئت به يجذب صغيرته منها عنوة ليضمها إلى ه فصړخت الصغيرة بړعب قليل أن تبدأ في البكاء من إثر الخضة 
حاول هو تهدئتها ولكنه فشل بسبب حركاته العصبية 
صدمت إيثار من ردة فعله ومن تصرفه المب الذي أفزع الصغيرة فهتفت بلا وعي مستنكرة فعلته 
انت خضيت البنت !!
رمقها بنظرات ڼارية أن يصيح بصوت قاتم 
انتي هتعرفيني أربي بنتي ازاي 
فغرت يها مذهولة وهي تمتم بصوت مت 
هاه ب بنتك !!!
ثم صاح فجأة بصوت جهوري أجفل ها وأفزع الصغيرة أكثر 
راوية راوية تعالي خدي البنت !!
خطت الخادمة بخطوات سريعة نحوه وهي تردد بإمتثال 
حاضر يا مالك باشا 
تناولت الصغيرة منه بحذر وسارت بها مبتعدة وهي تحاول هدهدتها لتكف عن البكاء 
شعرت إيثار بالخۏف من وجودها بمفردها مع مالك فوجود تلك الصغيرة كان يشكل درعا يقيها من انفعاله المب 
دنا منها خطوة فتراجعت عفويا للخلف متحاشية القرب منه 
نظر لها بإحتقار ثم أردف قائلا بجمود 
ايوه دي بنتي كنتي مفكرة هافضل زي ما أنا أبكي على فراقك وحبك الرخيص !
صدمت من كلماته اللاذعة واضطربت دقات قلبها وردت بصوت متذبذب 
انت آآ
تابع قائلا بشراسة وهو يتعمد تجريحها 
أنا يا مدام عشت حياتي وقابلت انسانة حبيتني بجد واتجوزنا وخلفت منها مش واحدة زيك !!!!
لم تقو على الرد عليه بل حدقت فيه پصدمة حزينة 
شعور رهيب بالخذلان سيطر عليها وتملك من مشاعرها المضطربة 
فمجرد تخيل امتلاك أخرى لقلب حبيبها ومشاركتها إياه لحياته بكل تفاصيلها أتعبها نوعا ما وعذب روحها 
فماذا عن انجابه منها من يحمل صفاته يا إلهي إنه اكثر إيلاما !
حزن موجع أرهق قلبها ووخزات مؤلمة أتعبت روحها لقد عاش حياته استطاع ان ينهض من جديد بينما ظلت هي تقاسي من ذكريات الماضي 
تابع متساءلا بتهكم مهين ليخرجها من شرودها المؤقت 
وإزي جوزك المحترم 
استشعرت من نبرته حجم البغض الذي يكنه له وعجزت للحظات عن الرد عليه أتخبره بأنها كانت ضحېة خدعة كبيرة تحملت تبعاتها لوحدها !
ارتفع حاجبه للاعلى ليضيف بسخرية 
والبيه موافق انك تنزلي تشتغلي بيبي سيتر ولا انتي جاية من وراه 
لم تستطع الصمود أمام تجريحه العلني فصړخت بشموخ وكبرياء وقد تشنجت تعابير وجهها 
ماسمحلكش !
ابتسم بتهكم ثم قال بنبرة مهينة 
يبقى زي ما توقعت طلع نأبك معاه على فاشوش ومش قادر يصرف عليكي زي ما كنتي مفكرة !
كانت كلماته كالسوط الذي يسلخ جلدها الملتهب فلم تتحمله وصړخت فيه بصوت منفعل 
انت متعرفش حاجة عني عشان تقول كده !
نظر لها شزرا وتابع بإستخفاف 
مش محتاج اعرف كفاية اني شايفك النهاردة قدامي عشان اخمن كل حاجة !
تسارعت دقات قلبها وكورت قبضة يدها پعنف
واشتعلت عينيها بحمرة غاضبة للغاية 
تحرك خطوة أخرى نحوها وأكمل بشراسة وقد قست نظراته 
واحدة طماعة بتجري ورا الفلوس وبتحبها اكتر من نفسها باعت الغالي بالرخيص ومهمهاش تدوس على مين في طريقها وهي بتعمل كده المهم توقع المغفل اللي هيدفع اكتر بس الظاهر انه جيبه طلع فاضي فراحت تدور على مصلحة جديدة !!!!
أوجعتها عباراته العڼيفة التي تتهمها بلا رحمة فهبط قلبها في قدميها قهرا هو كغيره حكم عليها دون أن يترك لها المجال لتدافع عن نفسها 
أ حكمه بإدانتها متأكدا بأنها الجانية بالفعل 
لم تتحمل أكثر من هذا الظلم فاستجمعت شجاعتها وصړخت فيه بصوت هادر وهي تشير بيدها وعينيها تنطقان شررا مخيفا 
اخرس ولا كلمة زيادة !!
أغضبه بشدة صړاخها فيه فصاح بها بصوت جهوري عڼيف 
انتي ليكي عين تتكلمي ولا تفتحي بؤك وتزعقي !
ردت عليه بصوت مخټنق ومتشنج وهي تكافح لمنع عبراتها من السقوط أمامه 
انت ملكش حق تحاسبني ولا تكلمني عن حياتي اللي فاتت !!
أضاف بقسۏة وهو يرمقها بنظراته المدينة 
حياتك اللي انا كنت جزء منها ورميتي وكأني ماسواش
هزت رأسها نافية وهي تصيح بإعتراض جلي 
محصلش 
تشنجت تعابير وجهه وبرزت عروقه الغاضبة وهو يكمل بحړقة 
نسيتي حبي ولعبتي عليا ومهمكيش العڈاب اللي كنت فيه بسببك ! ماهناش عليكي تكسري قلبي ده حبيتك بجد كنت مستعد أعمل أي حاجة عشان تبقي معايا لكن انتي طلعتي كدابة منافقة !
انهمرت عبراتها كالشلال رغما عنها أمام كلماته فأغمضت عينيها بحسرة فقد ت في مخيلتها تلك الذكريات الآليمة وانتحبت بأنين ظاهر 
تأملها مالك بنظرات خاوية وأردف قائلا ببرود 
دموع التماسيح دي معدتش تخيل عليا وش الملاك اللي حطاه خلاص سقط قصادي وقدرت اكشفه !
ت وجهها بين راحتي يدها وانخرطت في بكاء مرير وهمست بصعوبة 
كفاية مش هاسمحلك
قهقه بتهكم أن يصمت
ليقول بعدها بإستهزاء 
بجد مش هاتسمحيلي حقيقي مبهور بيكي !
أشفقت إيثار على حالها كانت تظن أنها أقوى من أي صدمات اعتقدت أنها بعد الذي تعرضت له سح أقوى وستواجه الحياة بشجاعة لكنها كانت واهمة فمع أول مواجهة محتدة مع حبيبها إنهارت أمامه 
لم يعبأ ببكائها وراقبها بجمود قاسې 
لم يكن مالك على تلك الحالة من لكنه أجبر نفسه على القسۏة مع أمثالها 
دس يده في
جيب بنطاله القماشي ورمقها بنظرات استخفاف ثم هتف بنبرة متغطرسة 
انتي تعرفي انا بقيت ايه الوقتي ولا اقدر اعمل ايه فيكي 
رفعت وجهها وحدقت فيه بعينين حمراوتين من كثرة البكاء وردت عليه بعدم اكتراث 
مش عاوزة اعرف حاجة عنك !
أشار لها بإصبعه متعمدا التقليل من شأنها وهو يقول بجفاء 
فكرك هاصدق الحركة الرخيصة دي يعني عاوزة تقنعيني انك جاية ومش فة هتقابلي مين ولا تشتغلي عند مين !!!
أخذت أنفاسا متلاحقة لتوقف بكائها المتواصل وردت عليه بإستياء 
انا كنت جاية هنا مفكرة اني هاشتغل عند ناس اجانب محترمين اساعد بنتهم بس مكونتش اعرف اني هلاقيك هنا !
ضحك بإصطناع وهو يقول بتهكم 
لسه زي ما انتي استاذة في الكدب والخداع !
صړخت معترضة وهي تمسح عبراتها بكفها 
انا مش كدابة !
ثم رفعت رأسها للأعلى في إباء وأكملت بنبرة تحمل الكبرياء 
بس ملحوئة انا هاعفيك وهاعفي نفسك من الحرج ده كله انا منسحبة من ما ابدأ حتى !
وما إن أنهت عبارتها حتى أولته ظهرها وسارت بخطوات
 

34  35  36 

انت في الصفحة 35 من 63 صفحات