الأحد 24 نوفمبر 2024

رواية ضبط واحضار بقلم منال سالم(كاملة جميع الفصول)

انت في الصفحة 19 من 34 صفحات

موقع أيام نيوز

عن حرجها وبالكاد خرج من بين شفتيها
وأنا انطباعي معاه مليان بيض ونسكافيه وعجة وحاجات تانية!
تألقت النجوم في السماء المظلمة لتلألأ فيها بعظمة وجلاء فكانت تشاهدهم بلا ملل من خلف زجاج نافذتها وكأنها تسبح بعقلها في الأفق الواسع الممتد أمامها تنهيدة وراء أخرى تحررت من صدرها لتخفض بعدها بصرها ناظرة إلى الساعة الذكية التي تلقتها منه كبديل عن هدية زوجة عمها المعطلة. تأملتها بهاء بتحير والعديد من الأفكار المتخبطة تدور في رأسها نفخت في سأم وتساءلت
هو طبيعي أني أفكر فيه بعد كل اللي حصل
ظهرت على تعبيرات وجهها تكشيرة مستهجنة وأخذت توبخ نفسها
أصلا ده ما ينفعش ومش منطقي.
أوصدت النافذة وأسدلت عليها الستائر لتسير نحو تسريحة المرآة تركت الساعة الذكية على سطحها الزجاجي بجوار قنينة العطر لتتجه إلى . وخاطبت نفسها بحسم
هي فترة وهتعدي وهيتنسى ده كله.
استمرت على نفس الوتيرة المتشددة لتقضي في المهد على بذرة ما يتخلل مشاعرها
غلط إني أعمل كده ما جايز يكون مرتبط ليه أعشم بنفسي بوهم
وضعت الوسادة على رأسها وضغطت بها على وجهها مكملة تحذيرها الصارم لنفسها
إياكي تسمحي لنفسك تفكري في حاجة مش من حقك!
انتوت ألا تتساهل مع نفسها مطلقا إن تراخت وسمحت لعقلها بمواصلة التفكير فيه عقدت العزم على أن تكون حريصة تمام الحرص على ألا تتعمق في أي شيء يخصه ولتبقي مشاعرها وأحاسيسها المضطربة على السطح لئلا تقع في وهم الحب أحادي الجانب.
رغم أن يومه كان حافلا بالكثير من الأحداث إلا أنه لا يقارن بطرفة رؤية بهاء على هذه الوضيعة الساخرة فكلما تذكر تداركها لصدمة قيامها بإعطائه كيس القمامة بعفوية تتسع ابتسامته حتى تلبكها لرؤيته في منزلها وخجلها من مظهرها غير الأنيق أثناء استقبالها له واستنكارها لهديته المفاجئة بل وهروبها المفتعل من محيطه كان محببا إليه ويشعره بالسرور والراحة. 
استرخى عمر في رقدته على فراشه متكلما دون صوت
أنا مشوفتش

زيها بصراحة.
مضى الوقت طويلا عليه وهو لا يزال شاردا في استعادة تفاصيل زيارته بكل ما حدث فيها كأنما يريد حفرها بعمق في ذاكرته للأبد فلا تمحى بسهولة وليظل مستمتعا بها دوما. اعترف لنفسه في لحظة تهور عابرة 
وهي تستاهل إن الواحد يفكر فيها وما يسبهاش!
في موعد التدريب الأساسي بالأكاديمية كلتاهما كانتا تجلسان في مقعديهما المعتادين بالقاعة الدراسية وترتديان الزي الرياضي حسب الرسالة الإلكترونية المرسلة بضرورة الالتزام به في هذا اليوم. برطمت بسنت في تذمر وهي تتلفت حولها كاللصوص وكأنها تخشى قدوم أحدهم لمباغتها بالأسلحة
أنا مش عارفة سمعت كلامك إزاي ووافقت أكمل.
تنهدت بهاء قبل أن تخاطبها بنبرة عقلانية
مقدمناش غير إننا نخلصه علشان ما تبقاش خسارة من كله فلوس ومجهود.
كانت غير مقتنعة بتبريرها وهمهمت بإحباط
وربنا احنا هنخسر صحتنا على آخره.
لفت نظرها الساعة الذكية التي ارتدتها حول معصمها فسألتها بفضول
الساعة دي جديدة ولا إيه
خفضت من نبرتها وهي تجيبها
ما أنا قولتلك إن عمر جابهالي مكان اللي اتكسرت وقت ما جه عندنا.
هزت رأسها معقبة
أيوه صح أنا تركيزي بقى صفر اليومين دول.
ما لبث أن انتفضت في جلستها كالمصعوقة عندما ولج عمر إلى القاعة ومن خلفه أنس وأمير ليستهل الأول حديثه مخاطبا الجميع 
صباح الخير.
لمعت عيناه بومضة غريبة عندما أبصر بهاء جالسة بين الحضور كان سعيدا للغاية لتواجدها بعد انقطاع لعدة أيام وكأن في ظهورها بهجة لذيذة ومن النوع المحبب إلى النفس بينما همهمت بهاء في خفوت شديد حينما رأته يتطلع إليها بهذه الطريقة المربكة لها
استر يا رب.
إلى جوارها دمدمت بسنت بصوت خاڤت وفي استياء مرتاع
هيجي منين الخير واحنا شايفينكم!
وقف الثلاثة متجاورين وبشموخ ليستأنف عمر كلامه بسلاسة
النهاردة عندنا حاجة لطيفة واثقين إنها هتكون مفيدة جدا ليكم على المستوى الشخصي وبعيدا عن النظريات المعتادة وروتين الدراسة. 
ما إن سمعت بسنت ذلك حتى برقت عيناها في قلق واستطردت بتوجس
هما دول عندهم حاجة لطيفة ولا خفيفة ده كله ضړب في المليان!
وكأن قلبها قد تنبأ بما تخشى حدوثه فقد ظهرت من وراء الثلاثة شابة تبدو رغم هدوء ملامحها قوية العضلات. قدمها عمر إليهم بعدما تنحى للجانب ليعطيها مساحتها للحديث
كابتن رشا النهاردة هتكون ضيفتنا في المحاضرة.
في رنة تفاخر أردفت رشا قائلة
شكرا ليك سيادة الرائد وحقيقي شرف ليا أكون متواجدة هنا في الأكاديمية.
تقدمت في خطاها لتمسح الجالسين بنظرة شمولية عامة قبل أن تتابع
طبعا حضراتكم أول مرة تشوفوني بس أنا المسئولة عن تعليم مبادئ فنون الدفاع عن النفس مش بس هنا لأ في أماكن تانية مهمة زي العمليات الخاصة.
بدا الجميع مصغيا بانتباه كامل لما تفوه به فانتشت لرؤيتهم على هذه القدر من الاهتمام وأكملت
من تقييمات التدريب الميداني الأخير تم استدعائي لتدريب حضراتكم وبمساعدة المتخصصين على المهارات الأساسية للفنون القتالية.
تولى عمر مهمة التوضيح عندما قرأ علامات الحيرة على وجوه الجالسين
ببساطة مطلوب من حضراتكم تتعلموا كام حركة بسيطة تساعدكم في حماية نفسكم وقت الخطړ...
ركز بصره على بهاء تحديدا حينما استأنف باقي جملته وكأنه يقصدها بهذا الكلام الجاد
وخصوصا السيدات والآنسات اللي بيكونوا مطمع لأي حد بيفكر إنهم لقمة طرية وسهلة.
تلبكت بهاء من نظراته المصوبة نحوها شعرت وكأنه يسدد سهاما إليها لتخترقها فتفسد عليها خططتها بالصلابة والجمود في حضوره بينما انقبض قلب بسنت بقوة وتساءلت في خوف قد أخذ يبزغ على وجهها قبل نبرتها
هما ناويين على إيه
في سخرية مستترة علقت بهاء وقد تهدل كتفاها للأسفل
شكله هيبقى تدريب نينجا!
وكأنه كان ينقصها ذلك فاستطال وجهها في صدمة لتردد بتهكم
يا ختاي
هو كل المآسي كده جاية على مقاسي
ما لبث أن تملك الفزع من أوصالها وراح يتفشى في باقي لتشتكي بتحسر وعجز إلى رفيقتها
أنا مش هستحمل شلوت واحد من أي حد!!
يتبع الفصل العاشر
الفصل العاشر
الفصل العاشر
اشتهرت هذه المدربة المميزة بمهاراتها الفائقة في تدريب وتعليم السيدات بمختلف الأعمار على فنون الدفاع عن النفس وتم الاستعانة بها في أكثر من مؤسسة عسكرية وتابعة للشرطة لتولي هذه المهمة الجادة فأثبتت جدارتها وأشيد بكفاءتها وبدورها الفعال في نقل خبراتها إلى الغير. كانت متحمسة لنقل خبرتها العملية للجميع السيدات والرجال على حد السواء لهذا اهتمت بتوضيح كل التفاصيل بدقة وروية.
تحت مظلة التوتر وقفت كلتاهما بعد انتقال جميع الدارسين إلى الصالة الرياضية الواسعة الملحقة بالأكاديمية تنظران بترقب إلى المدربة الرياضية المخضرمة التي استمرت في شرح المبادئ الأساسية لفنون الدفاع عن النفس بشكل نظري قبل أن تطبق ذلك عمليا بعد تطوع أحدهم لمعاونتها. كانت الاثنتان تنتفضان بتفاوت بمجرد أن تؤدي حركة عڼيفة تطرح بها ذلك المتطوع أرضا. تكلمت رشا مشيرة بيدها نحو العنق
لو ضربتوا اللي بيهاجمكم من النقطة دي هتسببوا ليه اختناق لحظي وبتكون فرصة إنكم إما تهاجموه أو تهربوا على حسب خطۏرة الموقف.
ثم وجهت كلامها إلى عمر تستأذنه
ممكن حضرتك تتفضل تعمل تجربة عملية قصادهم.
تقدم خطوة للأمام مبديا ترحيبه
مافيش مشكلة.
الټفت ناظرا نحو رفيقه يطلب منه
تعالى يا أمير.
مثل كلاهما أنهما يتشاجران يدويا مع بعضهما البعض ليقوم بعدئذ عمر بتأدية الحركة التي شرحتها المدربة قبل لحظات وزاد عليها بإضافة بعض المهارات الخاصة ما بين الالتفاف والمراوغة ليبدو التمثيل أقرب للواقع عنه مجرد محاكاة عادية.
التصقت بسنت برفيقتها وتعلقت بذراعها لتهمس لها
ده لو هما هيدربونا بالشكل ده هيبقى اسمه تحرش مش دفاع عن النفس.
كتمت بهاء ضحكة وشيكة واستطردت
استني أما نشوف هينهوها إزاي.
تصلبت بسنت في موضع وقوفها واقشعرت شعيرات جلدها عندما رأت عمر يلقي ب أمير ويطرحه أرضا في خفة بعدما تمكن من الإمساك به من ذراعه فقط لتهمس بذهول
شوفتي الرزعة دي فيها ديسك.
كانت رفيقتها مثلها مشدوهة بما يدور وراحت تقول هي الأخرى
أنا عصعوصي مش هيستحمل هبدة من دول.
وافقتها في الرأي هاتفة
ولا أنا وحياتك يا بيبو
جلجل صوت رشا فجأة مناديا
الآنسات يتفضلوا من هنا وأنا هكون معاكو حالا.
نظرت كلتاهما إلى بعضهما البعض بتردد وبقيتا تتابعان ما تقوم به الشابات من حولهما ليضطرا في النهاية للتحرك ومجاراة البقية. ألقت المدربة أوامرها التوضيحية قائلة
كل اتنين يقفوا قصاد بعض وياخدوا وضعية التشابك.
قلدت بسنت نفس ما تفعله الأخريات وطلبت من رفيقتها في صوت خاڤت
بصي يا بيبو احنا الاتنين ستر وغطا على بعض نمثل إننا پنتخانق ومقطعين بعض جايز يقتنعوا ويحلوا عن سمانا.
على الفور رحبت باقتراحها قائلة
اتفقنا.
ما إن أطلقت المدربة صافرتها حتى بدأ التلاحم ما بين الشابات وبعضهن البعض وكذلك الشباب لتقوم بتوجيه كل ثنائي على حدا ليتمكنا من تحسين مهارتهما وعاونها في الإشراف والإرشاد كلا من عمر وأمير. تقدمت رشا من الصديقتين وتطلعت إليهما بسخرية قبل أن تستطرد
كده ما ينفعش ده مش تدريب.
أشارت لها بسنت بيدها محتجة
ما أنا بضړب أهو حتى شوفي.
دون أن تدرك بعقلها كيف أمسكت بها من رسغها أو حتى تمكنت من لف ذراعها خلف ظهرها وجدت بسنت نفسها مجبرة على الانحناء والجلوس على ركبتها في وضعية ذليلة ومن خلفها رشا توجهها
الصح تعملي كده.
تقوست شفتاها في تحسر قبل أن تهمهم
أه يا دراعي محدش قالي إنه هيحصل فيا كل ده!
وجهت رشا أمرها إلى بهاء
جربي معاها قصادي تاني.
هزت رأسها بالإيجاب وحاولت تقليد ما قامت به لكنها فشلت فاضطرت أن تعيد المحاولة عدة مرات حتى نجحت في إخضاع رفيقتها التي راحت تولول في تذمر.
بدأت التدريبات تأخذ منحنا أكثر جدية مع إصرار المدربة

على تجربة كل ما يمكن أن يفيد الدراسين ليتمكنوا في النهاية من إتقان عدة حركات بسيطة للدفاع عن أنفسهم. مجددا طلبت رشا المشاركة في استعراض حركة بعينها
هنستأذنك توريهم من تاني يا سيادة الرائد.
كعادته قال عمر مرحبا
تمام.
هذه المرة استعان بأحد شباب الدارسين للتلاحم معه وقبل أن يرفعه من خصره وينطرح به أرضا هتف
بصوا كويس.
كتمت بسنت شهقتها المذهولة بينما همهمت بهاء بانبهار
ده خده سوبلكس.
اشتدت عروق عمر وبدا متأهبا للقتال اليدوي فمالت بسنت مرة ثانية على رفيقتها معلقة في نبرة خفيضة
شايفة العضلات والمجانص
ردت بصوت مماثل في خفوته
أه شايفة!
سألتها في شيء من الممازحة
طب إنتي عندك عضلات
جاءت إجابتها متهكمة
لأ عندي عضم بس.
ردت عليها بسنت بهزة خفيفة من رأسها
الحال من بعضه جلد على عضم!
كان من الصعب عليها مغالبة تخيل الشعور بالألم خاصة مع كل حركة عڼيفة تؤدى أمامها فماذا عن تجربته فعليا لذا كان من الطبيعي أن تبحث عن أي وسيلة تنجيها من التهلكة .. مدفوعة بغريزة الخۏف خاطبت بسنت رفيقتها في خفوت وجدية
بقولك إيه ما تيجي نخلع من هنا قبل ما يقولولنا نجربها!
فكرت بهاء للحظات وكأنها تحسب ذهنيا مخاطر المجازفة بفعل ذلك حينما وجدتها صامتها واصلت إقناعها لتهرب معها
هما ملخبوين مع باقي المجموعة مش هياخدوا بالهم مننا ولا من شاف ولا من دري.
أخيرا حسمت بهاء أمرها وشبكت يدها في يد رفيقتها لتسحبها معها مرددة
طب يالا بينا.
دون أن
18  19  20 

انت في الصفحة 19 من 34 صفحات