رواية الشيخ والمراهقة (كاملة حتي الفصل الاخير) بقلم سارة علي
منزلها وهي تشعر برغبة عارمة في البكاء....
دلفت الى غرفتها واغلقت الباب خلفها واڼهارت باكية على سريرها ...
سمعت طرقات على باب غرفتها يتبعها دخول والدتها التي اتجهت نحوها بسرعة وقلق وسألتها
ماذا جرى عزيزتي ...! لماذا تبكين ...!
اندست لمار بين أحضانها على الفور وهي مستمرة في بكائها لتربت والدتها على ظهرها وهي تحدث نفسها قائلة
كفكفت لمار دموعها وابتعدت عن احضان والدتها وقالت بنبرة متحشرجة
لقد ظهر إسمي اليوم في قائمة
الاطباء الذين سيخدمون في القرى... تخيلي في أي قرية وضعوني ...!
ابتلعت الام ريقها وقالت پخوف حقيقي
لا تقوليها ... ليست تلك القرية ..
بل هي ... لقد وضعوني في تلك القرية اللعېنة ...
قالتها الام بعدم تصديق لما تسمعه لتعاود لمار الانخراط في البكاء من جديد ...
شعرت والدتها بالشفقة من اجلها فأقتربت منها والدتها وقالت لها
لا بأس حبيبتي .... ألا تستطعين التبديل مع أحد زملائك في قرية اخرى ...!
هزت لمار رأسها نفيا وأجابت من بين دموعها
للاسف لا استطيع ..
يعني سأذهب الى هناك ..!
سألتها لمار بحسرة لتجيب والدتها
سوف أتحدث مع والدك ... عله يستطيع مساعدتنا ...يتحدث مع أحد من معارفه لينقلك الى قرية اخرى ....
تطلعت لمار اليها بلهفة وقالت
اتمنى هذا بشدة .... ارجوك تحدثي معه ...
سأحاول معه ... ولكن لا تتأملي كثيرا أن ينقلك الى مكان أخر ...
اعلم هذا ... انا لن أضع آمالي عليه ...ولكن عسى ولعل يحدث شيئا ...
ابتسمت الام لها ثم أخذت تربت على وجنتها وقالت
ما رأيك ان تتناولي طعامك ...!
لا شهية لدي ...
الا ان الأم أصرت عليها أن تتناول طعامها مما إضطر لمار الى النهوض معها وتناول طعامها ....
في القرية ...
جلس فارس أمام والدته صفية التي تحدثت بجدية قائلة
لقد تحدثت مع عمتك ... نسرين ابنتها ستأتي من الخارج غدا ...
حقا ....! هل كل شيء جاهز لإستقبالها ...!
اجابته صفية
نعم ... لقد جهزنا جناح كامل لها .... قمنا بتنظيفه وترتيبه بشكل جيد ...
جيد .. هل هناك شيء معين مطلوب مني ...!
أريد منك ان تجعلها تعمل معك في المعمل ...
ماذا تقولين يا أمي ...! أي معمل ...!
وما المشكلة يا بني ...! إنها مهندسة زراعية وستساعدك كثيرا في عملك ...
إلام تخططين بالضبط ...!
سألها فارس بنبرة مشككة لتبتسم صفية وهي تجيب بغموض
دع كل شيء لوقته .... المهم أنك يجب ان توافق ...
زفر فارس أنفاسه بضيق ثم قال
سأوظفها لدي .... لكن يجب أن تعلمي أنني لن ارحمها في العمل أبدا ... فأنت تعلمين بأنني لا ارحم موظفيني أبدا ...
عاملها كما تشاء يا بني .... أنا لن أتدخل في عملك ....
نهض فارس من مكانه واتجه الى غرفة ابنه ....
كان ابنه جالسا على سريره والذي ما ان رأه حتى قفز من فوق السرير وركض نحوه ليضمه فارس إليه ويشدد من إحتضانه له ...
ماذا تفعل ...!
قالها فارس وهو يجلس على سريره واضعا إياه بين احضانه ليجيبه ابنه
كنت أذاكر دروسي ....
ثم سأله الابن مرة اخرى
متى ستأخذني معك الى المعمل ... ! لقد وعدتني بهذا منذ وقت طويل ...
اجابه الاب وهو يقبل جبينه
في العطلة ... الان انت اهتم بدروسك وعندما تأتي العطلة سأخذك معي يوميا حتى تمل من الذهاب الى هناك ...
ولكن ما زال الكثير على أن تأتي العطلة ...
قالها الإبن بضيق ليبتسم فارس وهو يقول بجدية
حسنا ... سأخذك يوم الأجازة الاسبوعية الى هناك ...
حقا ...!
اومأ فارس برأسه ليضمه الطفل بسرعة وهو يهتف بسعادة
حبيبي يا بابا ...
...................
في صباح اليوم التالي
توقفت سيارة سوداء عالية امام قصر عائلة صفوان ....
هبطت منها فتاة شقراء جميلة ترتدي بنطال جينز أسود فوقه قميص أخضر اللون ذو أكمام مربعة ...
فتحت باب القصر وخرجت منها أحدى الخادمات لإستقبال الفتاة التي أعطتها حقيبتها بسرعة ثم تحركت متجهة الى داخل القصر ...
دلفت الفتاة الى الداخل وتحديدا الى صالة الجلوس لتجد صفية هناك في انتظارها وبجانبها فارس ونورا ...
تقدمت الفتاة بسرعة وانحنت نحو صفية مقبلة كف يدها لتربت صفية على ظهرها وهي تبتسم بسعادة ...
اتجهت بعدها نحو نورا وحيتها ببشاشة ثم تقدمت نحو فارس و حيته ايضا ...
جلست نسرين بجانب صفية بعدما طلبت منها صفية ذلك ... تحدثت صفية متسائلة
كيف حال والدك ووالدتك ...!
بخير ...
أجابتها نسرين وهي ما زالت محتفظة بإبتسامتها
بخير الحمد لله ....
ثم عادت وسألت صفية
وانت كيف حالك خالتي ...!
اجابتها صفية وهي تربت على يدها
بخير...
تحدثت نورا هذه المرة قائلة
هل تحبين ان ترتاحي في جناحك قبل الغداء ...
بالتاكيد ...
نهضت نسرين مع نورا حيث ذهبتا الى الجناح الذي خصصته صفية لها ...
اما صفية فنهضت من مكانها واقتربت من فارس وجلست بجانبه ثم سألته بفضول
ما رأيك بها ...!
فارس وهو يتذكرها بشعرها الأشقر القصير وعينيها الخضراوتين وملابسها المٹيرة والأنيقة
جميلة ...
هل أعجبتك ...!
أمي بالله
عليك ألا تملين من فتح نفس المواضيع ...!
ردت الام
انا من حقي أن أرى إبنى وهو مرتاح في حياته ...
تنهد فارس وقال
ومن قال إني غير مرتاح في حياتي ..!
يا بني راحتك تكمن بوجود زوجة بجانبك ترعاك وتهتم بك ...
زفر فارس أنفاسه بضيق ثم ما لبث أن نهض من مكانه وطبع قبلة على جبينها وقال
عندما أجد الزوجة المناسبة سأتزوجها على الفور ...
ثم تحرك بسرعة خارج المكان تاركا والدته تدعو له ان يرزقه الله بالزوجة الصالحة...
.................
كان فارس يسير في حديقة منزله حينما وجد نسرين تقترب منه بخطوات واثقة وهي تبتسم بحبور ...
مساء الخير ...
منحها فارس ابتسامة متكلفة وهو يجيبها
مساء النور ...
تحدثت نسرين قائلة
بصراحة اريد التحدث معك بشأن العمل...!
تفهم فارس حديثها فسألها بجدية
هل تنوين الاستقرار هنا ...!
اومأت برأسها وهي تجيب
نعم .. لقد مللت من الغربة ... وأفكر جديا بالاستقرار هنا ...
هز فارس رأسه بتفهم ثم قال
قرار جيد .... اذا هل تحبين أن تعملي معي في المصنع ...!
سيكون رائعا ....
ابتسم فارس على حماسها بينما أكملت هي بنفس الحماس
لقد درست الهندسة الزراعية في أمريكا ... وأستطيع أن أفيدك كثيرا في عملك ....
جيد ...متى تريدين ان نبدأ العمل ....!
اجابته
غدا اذا اردت ....
جيد ... متفقين اذا ...
اتفقنا ...
قالتها نسرين وهي تمد يدها نحوه ليصافحها فارس بيده ثم أخذا يتحدثان في الامور الاخرى التي تخص العمل ...
نهاية الفصل
الفصل الحادي عشر
بعد مرور عدة ايام ...
توقفت لمار بسيارتها أمام أحدى المستشفيات الموجوده في القرية ... بدأت الذكريات السيئة تعود إليها ... قبل عدة أعوام حينما جاءت الى هذه المستشفى محمولة بين احضانه ... هنا فقدت جنينها وهنا كانت نهاية قصتها معه ....قصة هي اختارت نهايتها بنفسها ...
مسحت بكفي يديها على وجهها محاولة السيطرة على تلك الدموع اللعېنة التي تكونت في مقلتيها ...
لا تريد ان تبكي الان... ولا تريد أن تضعف من جديد ...لقد وعدت نفسها بأنها ستكون قوية ... وسوف يظل الماضي طي النسيان ... لن تفكر به من جديد ...
هبطت من سيارتها واتجهت الى داخل المشفى ... اتجهت الى موظفة الاستعلامات وعرفتها عن نفسها ثم سألتها عن مكان عملها فأخبرتها به ...
اتجهت مباشرة الى مكان عملها ... باشرت لمار عملها فورا ولم تفكر فيما ينتظرها هنا فهي اكتفت من التفكير والانشغال بنفس الموضوع...
كانت تعمل بجدية وهمه عالية حينما اقترب منها شاب يرتدي بالطو أبيض اللون وعرفها عن نفسه
مرحبا ... انا ابراهيم ...زميلك في العمل ... وماذا عنك ...!
تطلعت لمار الى يده الممدودة بحرج فهي لا تسلم باليد ليفهم ابراهيم هذا على الفور فسيحب يده ويبتسم بإحراج ...
منحته لمار إبتسامة متكلفة وقالت معرفة هي الاخرى عن نفسها
انا لمار ....لقد جئت الى هنا بتكلفة من وزارة الصحة ... انا خريجة العام السابق ...
هذا رائع ...العمل هنا مريح كثيرا ...
تطلعت اليه لمار بنظرات غير مقتنعة ليهز رأسه ويؤكد ما قاله
صدقيني العمل هنا مريح وممتع ....سوف ترين هذا بنفسك ...
اطرقت لمار برأسها وقالت
اتمنى هذا ...
عاد ابراهيم وسألها
هل وجدت مكانا لتعيشين به هنا ...اذا اردت انا بإمكاني مساعدتك...
وجدت ...
أجابته لمار بإقتضاب ليتوقف ابراهيم عن ما قاله ثم يستأذن منها ويتحرك خارج الغرفة التي تعمل بها ...
................
كان فارس يتابع عمله في مكتبه الخاص في المصنع الذي يملكه ...
فوجئ بنسرين ټقتحم المكان وهي تحمل بيدها مجموعة ملفات ...
اقتربت منه ووضعت الملفات امامه وقالت
هل بإمكانك أن تراجع هذه الملفات يا فارس ...!
هل توجد بها مشكلة ...!
سألها فارس بنبرة قوية لتجيب نسرين
كلا ولكن أريد التأكد من كل ما فيها لأباشر العمل...
اغلق فارس الملف الذي كان يعمل عليه ثم نهض من مكانه وقال
سوف أراجعها بالتأكيد ...ولكن ليس الان ... لقد حان موعد الغداء والسيدة صفية لن ترحمنا اذا تأخرنا عليها ...
ابتسمت نسرين وقالت
معك حق ...لا يجب ان نتأخر عليها ...
حمل فارس الملفات وقال مشيرا لها
سوف أراجعها في المنزل ...
ثم سار متجها نحو سيارته تتبعه نسرين ....ركب الاثنان السيارة وبدأ فارس في قيادتها ...
كانت نسرين متحدثة لبقة وأخذت تتحدث في مختلف المواضيع ... قاطعها رنين هاتف فارس الذي حمله على الفور وأجاب
اهلا سيد عادل ... كيف حالك ...!
اجابه عادل
بخير ...انت كيف حالك ...! وما اخبار حفيدي ...!
جميعنا بخير...
تنحنح عادل ثم قال
لمار تعمل الان في قريتك ....في مستشفى القرية ...
ماذا ...!
قالها فارس بعدم تصديق قبل ان يسأله پغضب
ولما لم تخبرني من قبل ...!
رد عادل بسرعة
انها وصلت صباح اليوم الى
القرية...
زفر فارس أنفاسه بقوة ثم قال بغيظ
جيد ... سأذهب لأراها وأطمئن عليها ...
كما تريد ..
قالها عادل بإختصار ثم أنهى المكالمة معه ليتطلع فارس الى هاتفه بشرود قبل ان يفيق من أفكاره على صوت نسرين تسأله
ماذا حدث ...!
لدي عمل مهم ... سوف أوصلك الى المنزل واذهب اليه ...
ألن تتناول غدائك معنا ...!
كلا ...لا أستطيع ...
قالها وهو يستمر في قيادة سيارته متجها نحو منزله ...
..................
كانت لمار تمارس عملها بنشاط حينما اقترب ابراهيم منها وهو يحمل كوبين من الشاي...
رفعت لمار رأسها نحوه وتطلعت اليه بإستغراب ليمد أحد الكوبين لها وهو يهتف بها
تفضلي...
اخذت لمار كوب الشاي منه ومنحته إبتسامة لطيفة ثم قالت
أشكرك ...
بادلها ابراهيم ابتسامتها وأخذ يحاول فتح بعض المواضيع معها ... شعرت لمار بالحرج منه كونها سبق وعاملته بإقتضاب وضيق فبدأت تبادله أحاديثه ووجدت ان صحبته لطيفة وليست سيئة عكس ما ظنت ...
كان الاثنان يتحدثان بمرح بينما هناك شخص ما يراقبهما من بعيد ...
شخص يرغب في خنق كليهما او ارتكاب أي چريمة بهما ...
تقدم فارس بخطواته الواثقة والڠضب يشع من عينيه نحويهما ...
رفعت