السبت 21 ديسمبر 2024

رواية آصرة العزايزة (كاملة حتي الفصل الاخير) بقلم نهال مصطفي

انت في الصفحة 7 من 7 صفحات

موقع أيام نيوز


! أنا اتمسح بيا أسفلت مرسى علم . 
قال جملته بتلقائية جعلتها تخر ضاحكة تلك الضحكة المسروقة من لحن قديم لفنان ماهر .. بزهوة الملامح التي اختارها الورد لتكون مرآته لتردف تحت سطو ازدهارها 
أكبر بكاش شوفته في حياتي .. حتى هاجر متفقة معايا إنك بكاش. 
احتمت بالوسادة عندما قرب منها   فأنقذها من شروره رنين هاتفه عض على شفته السفلية 

فلتتي المرة دي ..
رد على هاتفه بعجل فتحركت من جاره بأقدامها الحافية تلقى التعليمات الخاصة من الفرقة المسئول عنها حتى بعد انتهاء المكالمة واصل حديثه المزيف وهو يتقدم إليها بخطوات خفيفة تلك الواقفة بداخل الخزانة تبحث عن ملابسها جهر مكملا مسرحيته وهي يعبث بشعرها 
يعني أيه مش عارفين تتصرفوا من غيري ! بقولك مش هينفع أجي  .. 
دارت نحوه بأعين خائڤة من رحيل منتظرة بقية حديثه برهبة عقد هاشم حاجبيه 
هجوم مسلح ! لا اله إلا الله أمتى ده !! خلاص قلت جاي ... 
خيمت معالم الحزن على ملامحه 
رغد أديكي سمعتي ووو 
قفلت الخزانة بضيق وهي تخفي عبراتها المترقرقة 
لا يا هاشم أنا ما بصدق تيجي هنا أنا مش بطمن غير ونفسك معايا في البيت واليوم اللي عشمت نفسي هتنام جمبي تنزل وكمان ضړب ڼار وهجوم أقولك اترفد وتعالى اقعد جمبي . 
جفف عبراتها بإبهامه مكملا مسرحيته 
طيب الشغل ودي تعليمات .. أنا لو عليا عايز أقعد جمبك عمري كله .. 
اڼفجرت باكيه خارجة عن صمتها 
بس دي مش عيشة أفضل مستنياك من الشهر للشهر على كام ساعة وبعدين نلف في نفس الدايرة أنت لا سامح لي اشتغل ولا حتى أخرج من بره البيت البازار بتاعي وشغلي كله وقف عشانك والنتيجة كانت أيه ! قاعدة محپوسة بين أربع حيطان .. أنا مش قادرة أكمل كده شوف لنا حل 
ضمھا إليها قبل أن ټنهار كليا أمامه 
رغود حياتي بهزر .. مش رايح لحتة ولو عايزني منزلش الصعيد مش هعارض بس بلاش دموعك دي .. غاليين عليا. 
حاولت التملص من يده ولكنه لم يمنح لها فرصة للهرب 
بس بس طيب بصيلي كده !! 
تحاشت النظر إليه 
لو سمحت يا هاشم ! 
هاشم أيه بس !!! أنت عايزة تبقي معايا وفي حضڼي وكمان ټعيطي !! ليه كوافير حريمي أنا هنا .. بنت أنت بصي لي .. 
رفع وجهها عنوة لعينيه وقال بنبرة خاڤتة 
أنت عايزة تعذبيني بالدموع دي .. ولا بتعاقبيني!! هو الواحد ما يعرفش يهزر معاك !! 
عبرت عن حزنها پبكاء 
ڠصب عني يا هاشم والله مابقتش قادرة أنت في شغلك وانا هنا عمري بيتسرق حتى الخلفة مش عايزنا نخلف !! أنا زي اللي غمضت عيني ونزلت معاك البحر حتى ولو هغرق بس المهم معاك ... ضريبة حبي ليك تعذبني كده ! 
لملم شعرها الغجري بحنان ذاخر ثم قطف منديلا ورقيا وشرع بتنشيف قطرات الحزن من فوق وجنتيها بحنو ثم طبع قبلتي إعتذاره على كل واحدة منهم وقال 
الكلام ده ما ينفعش يتقال من غير عياط يعني ! ولا أنت حابة توجعي قلبي وخلاص . 
عضت على شفتيها بحيرة 
أنا عايزة اتكلم ومش عارفة اشتكي لمين ڠصب عني صبري له آخر يا هاشم . 
هب بنبرته الصعيدية قائلا 
طيب أيه يراضيكي دلوك وأنا أعمله .. تعوزي لبن العصفور هيجيلك ..
خليني ارجع لحياتي وشغلي اللي بحبه .. يعني مش هجبرك على الخلفة دلوقتي أنا مقدرة الظروف أهلك وانهم لازم يفرحوا بهارون الأول .. بس على الأقل يكون لي حياة في غيابك الوحدة بتقتلني يا هاشم . 
احتوى وجنتيها براحتي كفيه 
وعد هفكر في الموضوع ده ولما اتأكد مفيش خطۏرة عليكي هخليكي تنزلي . 
هتفت معارضة 
هاشم أنا مش طف .... 
سد أبخرة عتابها وعنادها بأنامله  
رغود مش هيبقى نكد هنا وفي الشغل وفي البلد !! ارحمي اللي خلفوني .. أنا بهرب من الدنيا ليك . 
هزت رأسها منسحبة من رحى الحړب بينهم 
تمام اللي تشوفه أقفل النور عايزة أنام .. 
شد قبضته على خصرها 
بس أنا مش عايز أنام .. 
هاشم ..... !!
بعينيه نظرة متحفزة للاعتذار قائلا بنبرته الصعيدية التي تذوب بها 
انسي .. معندناش حريم تنام قبل رجالتها .. 
ابتلعت ابتسامتها الخفيفة كي لا تنهزم ككل مرة أمامه 
هنا عندنا عادي .. لما أجي الصعيد عندكم أبقى مشي عليا عاداتكم .. 
بنبرته الحادة هتف 
رغد !!! 
تأففت مجبرة 
نعم يا هاشم ! 
غيري هننزل نشم هوا . 
ماليش مزاج . 
حك ذقنه الأملس وقال 
خلاص نامي وأنا هنزل أشوف واحدة متنكدش عليا . 
اتسعت عينيها بتحد وحزم وهي تقفل باب الغرفة بالمفتاح وتخفيه بداخلها 
هاشم أنا هروح أنام وسيادتك هتسبقني وتنام قبلي ومفيش خروج من البيت .. ولا من الأوضة دي . 
يعني ليلتنا dry night ! 
هتفت بإصرار 
هاشم !!! 
مسح على شعره بطاعة دون أي جدال وبنبرته العسكرية المعتادة 
علم وجار التنفيذ معاليك .. تمام يافندم .
أشارت له ناحية مرقده بنفس النبرة الآمرة بعد ما قفلت الباب عليهما بالمفتاح كأنها أعلنت الحړب عليه  
اتفضل نام يلا ... 
اقترب مطاوعا من فراشه وهو يرمقها بنظرات خبيثة .. هبت متمنعة لقربه 
هاشم متفقناش علي كده أنا كلامي مش بيتسمع ليه !
أجلسها فوق رخامة الحوض 
أي الشراسة دي كلها دا أنا اتهزيت !! أنا محدش يستجرى ويكلمني كده في الشغل ولا في البلد. 
تمردت قائلة 
متحاولش مش هصالحك لا .. ووسع بقا عايز مني أيه مش بكلمك يا اخي لحد ما تبطل رخامة ! 
مش بعرف أنام من غير ما احلق ! 
رغد باستنكار 
ده من أمتى بقا !! 
من الساعة دي ! 
نال بشدقه فوهة ڠضبها معتذرا عما سببه لها من آلام رغم عنها هزمت أمام سيف الحب القوي فلم تخلق امرأة هشة ولم تكن يوما من النوع الذي يغلبه هواه  ولكن الأمر كله انحصر في كونه هو .... هو الذي تنحني أمامه جميع القواعد والقوانين .... 
أنت واعي لحديتك !! 
فوهة سلاحھ انغرست بجبين معتز ابن عمه عندما علم بحقيقة ميله لفتاة آخرى لا تنتمى لنسل العزايزة .. لم يغمض جفن الرحمة لهارون وهو يشد السلاح من يد أحد الخفر ليستقر بين عينه .. ما زال معتز محتفظا بثباته معارضا 
يعني لو هاشم أخوك جيه وقالك إنه رايد واحدة من بحري هتعمل معاه إكده .. 
هجر هارون بعنفوان وهو يوبخه 
أخويا هاشم  لو فكر بس قبل ما ينطقها هتكون روحه طالعة في يدي !! مش أنا ولا أنت ولا حد يستجرى يكسر عرف لهوارة العزايزة ... أنت فاهم ... ! 
تدخل هيثم ليدافع عن ابن عمه 
استهدى بالله يا هارون معتز آكيد ما يقصدش ... 
جهر بصوته الأشبه بالرعد 
ولا يقصد .... عند الأعراف الكل يخرس وينفذ ويحط مركوب بخشمه  . 
هب معتز معارضا 
وطالما إكده أنت متجوزتش ليه لحد دلوك ! ولا أنت فالح بس تقول مين يتجوز ومين لا ...! طالما عارف الأصول زين فين حفيد ووريث خليفة العزايزي ! 
لكزه هارون بفوهة السلاح بكتفه كي يتراجع جالسا على الأريكة 
أنت كمان جاي تحاسبني يعني بجاحة وقلة أدب !!! 
جادله معتز 
لا جاي أعرف عقوبتي لما اتجوز بت الإعرابي ... 
طال صمت هارون وهو ينظر لأييه الذي يراقب أسلوبه بالحكم بدلا منه  حتى قطعه مجمهرا 
هخلي أبوك اللي معرفش يربيك يرد عليك ... سمعنا يا عم رفاعي ردك على حديت ولدك الماسخ !!عشان موال كل سنة ده مش هنخلصوا منه . 
انتفض العجوز من جلسته وهو يحدج النظر بالحاضرين بخجل 
يتقل هو وهي في الكوشة .. 
قطم هارون الحديث وأكمل 
سمعت قبل ما يتخلط دمه پدمها بنشربوا من دمهم ... 
ثم أغمض عينيه وآمر 
كمل يا عمي وسمعنا ... 
أكمل العم رفاعي ذلك العجوز الذي أصابه الهرم 
يا أما يتطرد من العيلة ومن البلد كلها ونتبروا منه قصاد كل الناس .. ويبقى مقطوع مش شجرة العمر كله .. ومالهوش في ذمتنا جنيه ...
عارضه معتز غاضبا 
أنا مش مجبر أنفذ أعراف وقوانين ناس ماټت وشبعت مۏت !
حدجه هارون بانفعال 
ولو مكتمتش وقفلت خشمك وقمت حبيت على راس أبوك وأبويا هبعتك ليهم وابقى اتعارك معاهم تحت الأرض ... قلت أيه !!!! 
صدر صوت جمهوري من محشد الرجال وهم يؤيدون حديث هارون بإعجاب 
عداك العيب يا عمدة .. 
تراجع هارون وترك السلاح بيد الحارس ليعود لعرشه بشموخ 
الحديت خلص ومعتز ولد عمي عقل ومستحيل يكسر هيبة العزايزة بينات الخلق .. نورتوا يا رجالة ... 
نهض كبار العائلة واحد تلو الأخر حتى تقهقر العم رفاعي آخر واحد فأوقفه نداء هارون الذي لا يحمل الا الوعيد 
عم رفاعي يا تعقل ولدك يا أما البت اللي رايدها مش هيطلع عليها نهار ... والموضوع ده ما يتفتحش مرة تانية ..
قبل رفاعي على مضض 
آومرك يا ولدي ماتعتلش هم أنا هكلمه...... 
صباح اليوم التالي 
بعد ليلة طويلة وصعبة حملة ممنهجة هجمت على رأس  ليلة محاولة استيعاب ما مرت به ليلة أمس هربت من العالم برمته بعدما طمئنت أمها بوصولها ثم قفلت هاتفها وأخذت تهذي مع نفسها حول هوية ذلك الرجل الذي فشت أمامه أسرارها ومحاولة بحثها عن كبير العزايزة ل كونه هو من تبحث عنه حتى غلبها النعاس على أحد المقاعد ..... داعبت أشعة الشمس أعينها فاستيقظت لتحكم غلق الستائر وتواصل نومها على فراشها لتغتال مشقة سفر الأمس ... 
جاءت صفية حاملة كوب الشاي لابنها الجالس بحديقة منزلهم مع طلوع الشمس يتفحص أوراق المحاجر والأراضي التي تقع في حيازة آل العزايزة .. وضعت الكأس أمامه 
كوباية شاي من يد صفية هتروق عليك .. وتروق يومك .
رد باهتمام 
سلم يدك ياما ... 
حالك مش عاجبني يا حبيبي أيه شاغل راسك
مش مريحك من إمبارح!أوعاك كلام معتز فرق معاك !! أقول لك ما تتجوز وتخرسه الحديت كتير يا ولدي وكل الخلق مركز معاك .. ومستني يشوف عروستك .
ترك ما بيده ثم نزع نظارته الطبية وبعدها تناول كأس الشاي ليرتشفه .. رشفة واحدة منه ثم قال 
مشاكل العزايزة ماعتخلصش يا صفية .. من يوم ما قعدت على الكرسي ده مش عارف ارتاح .. كل يوم بمصايبه ..
ثم تنهد بكلل 
جواز ويبقى زيادة الهم همين ياما !! 
انتقلت من مقعدها لتجلس للمقعد المجاور له 
طيب أنت مش ناوي تريح قلب صفية يا حبيبي العمر بيجري يا هارون والقعدة مافيش منها لازمة .. لازما تتجوز يا نور عيني.
أكملت صفية بنبرة لا تقبل أي نقاش 
الليلة هكلم خالك على زينة وتخطبها وتخشوا بعد العيد الصغير .. 
ونغم دي غاوية علام ودماغها بحري كيف فكر هاشم .. وزينة غاوياك اخطب لك أنت زينة وهاشم نغم .. وافرح بيكم في ليلة واحدة .. هروح أخبر أبوك .
كاد أن يجادلها معترضا فتوسلت له بنبرتها الاستعطافية 
وغلاوتي عندك ما تكسر بخاطر أمك زينة دي هتحطك جوة نين عينها .. ونغم خسارة تروح منينا أخوك هاشم أولى بيها .. وافق لو أمك ليها عندك خاطر يا هارون .. ولا عايزني أموت من قهرتي عليك !
وثب من مكانه وقبل رأسها مبتلعا غصة اقتراحها وقال على مضض 
اللي تشوفيه يا صفية أعملي اللي عايزاه ... 
صفية بفرحة تتقاذف من مقلتيها 
يا فرج الله يا ما أنت كريم يارب آخيرا آخيرا هفرح بيكم متتصورش أنا روحي ردت في كيف ... الليلة هكلم خالك ويجي هاشم نروحوا نطلبوا يدها رسمي.. 
رد كالمضطر لأمر لا مفر منه خاصة بعد توبيخ معتز له ليلة أمس 
أعملي اللي عايزاه يا صفية .. مش فارقة .
ثم تراجع ممازحا 
هو مفيش غير زينة قصادك يا صفية !! ما تدوري إهنه ولا إهنه يمكن تعتري في واحدة غيرها .. أصل زينة دي عفية وراسها فاضية وأنا راجل شقيان .
رايداك يا حبيبي ودي تربية يدي يعني هتقولها شرقي هتشرق غربي هتغرب .. مفيش أغلب منها.
فرغ من ارتشاف كأسه ثم ضب جلبابه وهم راحلا 
خدتي اللي عايزاه بكوباية شاي أهو يا صفية أهملك أنا عاد  .. 
ردت بلهفة 
الود ودي ازغرد بس مش دلوك عشان النقم والعين ما بترحمش .. وعيون حريم عمامك مفنجلة كد إكده علينا .. أنت وهاشم في ليلة واحدة بعون الله .
ضړب كف على الأخر وهو يتساءل ألف مرة بينه وبين نفسه ما الذي يجبره أن يوافق بعرض أمه ! أن يقبل بفتاة لم يتحرك لها قلبه للحظة ما الذي يجبره لقبول أمرا رفضه قطعا  جاءت هيام تركض بلهفة أن تلحق به 
هارون فينه يا ما  أنا مش عارفة أعتر عليه من امبارح! 
مشي يا هيام .. يلا يلا تعالي نشوفوا عفشتك ناقص فيها أيه ! 
صړخت هيام بوجهها 
مش عايزة أشوف حاجة ولا عايزة اتجوز من أصلو وهملوني لحالي عاد .. والجوازة دي على چثتي لو تمت .
تجاهلت صفية صړاخ ابنتها وحړقة قلبها إثر سطو فرحتها بهارون وهاشم اتسعت ابتسامتها بفرحة 
أهو جلع البنتة دهون بعينه ! أعيش واشوفك متستتة يابت بطني وأنت پتصرخي إكده عشان متهمليش جوزك .. 
مرت أحداث اليوم المعتاد سريعا حتى ذابت الشمس بصحن السماء نهضت ليلة مڤزوعة من نومها وهي تنظر للساعة لتجدها السادسة مساء .. وضعت يدها على شدقها 
يا خبر !! أنا نمت كل ده !!
ثم فزعت من مرقدها 
شريف قالب عليا الدنيا ..
أخذت تركض بالغرفة كالمچنونة وهي تبحث عن أشياءها وتبدل ملابسها وتصفف شعرها وترتب حقيبتها التي انسكبت أرضا بتوتر وقلق حتى ألغت جميع المهام واكتفت أن تهبط بمظهر مناسب كي تصلح خطأها الفادح بحق خطيبها ..
نزلت من الغرفة تركض كالهائم على وجهه حتى وصلت لاستقبال الفندق وأعطته بصمة الغرفة .. فسألها الموظف 
آنسة ليلة اتفضلي مفتاح عربيتك كانت هنا من ٨ الصبح .. 
شدت المفتاح بذهول لن يدوم طويلا مصحوبا بإعجاب 
عربيتي !! ده كمان رجعها في نفس المعاد !! 
ثم نظرت للموظف بعجل 
مرسي مرسي اووي لازم امشي .... 
على الجهة الآخرى 
احتشد رجال الشرطة بسرايا خليفة العزايزي يبحثون عن هارون  .. خرج لهما مرتديا عباءته الصعيدية وجهر 
محسن باشا خير !!!! 
تقدم إليه الضابط باحترام ينعكس بخطواته 
أنا أسف يا عمدة .. بس ممكن تشرفنا في القسم ! 
خير !!! 
رد محسن بهدوء 
استجواب على السريع وهتروح على طول .. لو حابب تيجي بعربيتك مفيش مشاكل .. 
هز رأسه هو يتقدم خطوتين 
هات العربية يا جابر ..
لا مكان لليأس في قلب يؤمن بأن الله هو متولي أمره . 
تلك كانت آخر جملة اختتم بها الشيخ هلال خطبته بعد صلاة العشاء ليلة الجمعة كما اعتاد أن يلقى خطبته على المصليين عشاء الخميس وظهر يوم الجمعة .. أومئ بخفوت وهو يذكر الله في سره ويحمل مصحفه الكبير ويضعه بمكانه بمكتبة المسجد .. ثم ألتفت لنداء أحد الشباب بأدب 
شيخ هلال .. ممكن كلمتين .
طالعه بنظراته الاستكشافية 
أنت مين !! أنا أول مرة أشوفك تصلي معانا !
عرفه الشاب على نفسه قائلا 
أنا مرتضى ولد سعيد الغنامي مش من إهنه أنا من قبلي بس سمعت عنك كتير وقولت لازما أجي أصلي وراك في يوم .
ربت هلال المرتدي زيه الإسلامي الأزهري وقال 
تعالى أقعد ونتحدتوا براحتنا .
جلس الرجل بمحاذاته تحت أحد أعمدة المسجد وشرع في التحدث عما يدور بخاطره 
شوف يا شيخنا ...
قاطعته هلال قائلا بابتسامة يحاصرها نور الرضا 
ياا لله !! أنا مش شيخ  أنا عحب ربنا .. وال عيحب ماعيفارقش حبيبه واصل .
تفهم الشاب عدم حبه للفظ شيخ فتقبل الأمر بترحاب وقال 
وأنا جاي عشان اتعلم منك وتاخد بيدي .. شوف أنا مش عارف انتظم في الصلاة واصل .. وكل ما أصلي وانتظم ارجع اقطع تاني قولت اجيلك يمكن يكون عندك الحل ..
انكمشت ملامحه لغيرته الشديدة على العلاقات المقدسة بين العبد وربه التي يفرط فيها العبد بسهولة هز رأسه بخفة حتى ألتقطت أنظاره الدبلة التي تنير يمين الشاب غير مسار الحديث وسأله 
أنت خاطب يا مرتضي!!
رفع الشاب يمينه وهو يتأمل محبس خطبته بارتياح 
أيوة خاطب بت عمي وحب عمري وفرحنا الشهر الجاي لازما هتنورنا وتكتب الكتاب بنفسك .. سمعت إنك مسكت المأذونية من قريب .
وضع هلال كفه على صدره مرحبا بدعوة الشاب بتواضع ثم عاد لمحور سؤاله 
و لما خطيبتك ترن عليك بترد عليها طوالي ولا بتعوق ف الرد !! 
رد الشاب بعفوية 
دي تخلي يومي مقندل لو مردتش عليها في نفس الوخت . 
اتسعت ابتسامة هلال التي لا تفارق وجهه وقال 
و أنا كيفك بالضبط .. ساعة ما أسمع صوت الآذان أجري عشان ألحق الصلاة ده لو مكنتش قاعد مستنيه علشان لو معملتش إكده يومي هيكون مقندل زيك ..
تأرجحت عيني مرتضي بذهول و هو يحاول إدراك المغزى من كلامه فأتبع هلال موضحا 
زي ما عقول لك أحس بأن ربنا قفل في وشي كل أبواب الرزق والراحة !! مانا تجاهلت لقائه ونداءه !! شوفت مش ع قول لك الحبيب هاوي لقاء وأجمل هوى في حب خالق هذا القلب .
قال جملته الأخيرة وهو يشير بسبابته  على قلبه فأكمل واعظا 
خلي علاقتك مع ربنا ك حبيب مش كعبد وربه صدقني عمرك ما تفارق سجادة الصلاة ولا يهون عليك تسمع النداء ومترمحش عليه .. 
الله يفتح عليك .. كلامك عيريح قوي .
برق الإعجاب بعيني الشاب وببدو أنه اقتنع بنصيحته لذا عاد متسائلا 
حاجة كمان .. أنا عملت ذنوب كتير قوي بس توبت !! لكن شعور الذنب وأن عمر ربنا ما هيسامحني دايما ملازمني .. قول لي حاجة تريح بالي من وسوسة الشيطان .. 
ربت هلال على كتفه بنفس الابتسامة الهادئة ونظر بعيني الشاب وهو يروي على مسامعه أحدى قصص الصحابه بتأثر شديد 
في قعدة صفى كده بين الصحابه فجاة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ضحك فسأله احد الصحابة 
ما الذي يضحكك يا أمير المؤمنين ! 
اتسعت ابتسامته وهو يذوب بحب النبي وصحبته 
عارف رد عليه بصوت كله فخر  وقاله لانني اكثركم حسنات !! 
كان رده غير متوقع خلاهم يبصوا لبعض  فسأله واحد كمان منهم كيف ذلك يا عمر ! 
كمل بنفس اسلوبه المتباهي وقال ألم أكن في الجاهلية أكثركم سيئات !! 
ثم أغمض هلال جفونه وواصل حديثه پسكينة لحلول القرآن بقلبه راويا حديث سيدنا عمر 
وربنا قال في كتابه 
إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما 
فاكمل  وانا تبت وأسلمت فبدل الله سيئاتى بإذنه فأصبحت أكثركم حسنات .. وهذا هو وعد الله الذي لا يخلف وعده 
أشاد الفتى بابنهار 
الله!! الله يفتح عليك يا أخ هلال .
في تلك اللحظة كان هيثم واقفا على باب الجامع يخلع نعله فانتبه له هلال الذي وثب مستئذنا من الشاب وأقبل إليه 
أي رياح طيبة أتت بك لهنا يا أخ هيثم !
أمتعض هيثم لطريقة أخيه التي يحدث الجميع بها وإصراره على اقتناء المفردات العربية بالحديث العامي زفر هيثم ليبخ سم أخباره التي لا تعرف الطيب 
خدوا هارون على المركز يلا نروح له ..
ثم هتف متوعدا 
علشان شريف أبو العلا ولد ال لو عملها المرة دي ومشلش هارون من راسه هأخد فيه إعدام .
تمتم واعظا وهو يتأهب للرحيل معه وبنبرة منفعلة 
يااااا لله  .. ألفاظ خارجة ببيته!! 
لا تكن فظا غليظ القلب متسرع الحكم .. سنستنبط الأمر أولا .
وبخه أخيه پغضب يتقاذف من بين أنيابه  
مش وقت حكم ومواعظ وأنا عارفك لا هتحل ولا تبر معاي شريف أبو العلا لو ملمهاش هرجعه بلدهم ف قفة يا هلال . 
يتبع

 

انت في الصفحة 7 من 7 صفحات